تحولت "الازمة الاقتصادية" في صيدا الى "كارثة" حقيقية على التجار واصحاب المؤسسات والمحال بسبب طول أمدها حيث لا يمر يوم والا وفيه اقفال جديد ما ادى الى ارتفاع نسبة البطالة من جهة، وفقدان السيولة المالية من جهة أخرى في ظل الارتفاع المتصاعد للدولار الاميركي والذي بات بثلاثة أسعار فالرسمي 1515 ليرة، لدى نقابة الصيارفة 2000، وفي السوق السوداء وصل الى 2400 ليرة.
وتلاقت احصاءات "جمعية تجار صيدا وضواحيها" مع "غرفة التجارة والصناعة والزراعة" في صيدا والجنوب، على الواقع التجاري المزري في المدينة، حيث سجلت ارقامهما إقفال 120 محلاً ومؤسسة متوسطة وصغيرة وكبيرة في الأشهر الثلاثة الماضي، وصرف 1800 عامل وموظف، ليكشف ذلك عن مدى استفحال الازمة الاقتصادية التي تعاني منها المدينة ومنطقتها، في وقت تشير الارقام غير الرسمية الى ان العدد اكبر من ذلك بكثير، اذ أن مئات المحال والمؤسسات لا تملك سجلاً تجارياً ولم يصرّح أصحابها عنها، فيما الاحصاء شمل المؤسسات المسجلة لدى الغرفة فقط.
وأكدت مصادر تجارية لـ"النشرة" ان هذا الواقع المرعب يزيد المخاوف من اقفال المزيد من المؤسسات والمحال، الأمر الّذي دفع الهيئات الاقتصادية والتجارية الى الدعوة لعقد مؤتمر اقتصادي جامع في صيدا والتعاون بين الجميع للخروج من الأزمة الخانقة، ووضع تصور وخطة اقتصادية تساعد على الصمود وتجاوز الأزمة الراهنة باقل الخسائر الممكنة، وتفعيل النشاط في السوق التجاري وايجاد السبل التي تساعد على تنشيط الحركة التجارية والشرائية في الاسواق"، موضحة ان "من أهم ألاسباب التي أدت وتؤدي الى اقفال بعض المحال والمؤسسات التجارية عدم القدرة على الدفع في ظل هذه الأزمة وصرف الموظفين في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي".
في هذا السياق أكّد رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها السيد علي الشريف، أن "العديد من المؤسسات والمحال باشرت باقفال أبوابها وصرف عمالها نتيجة الازمة الاقتصادية الخانقة"، موضحا "انه منذ مطلع العام الحالي هناك 10 محلات اقفلت والحبل على الجرار"، مشيرا الى "انعكاس التدابير المصرفية على وضع التجار والمواطنين وكيف أن حالهم أصبحت "مذلة" لسحب قسم صغير من أموالهم لتسيير أمورهم"، واصفا "الوضع في صيدا ومنطقتها بحالة إنهيار كامل، وان الخلاص هو بخطة تفعيل للعجلة الإقتصادية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان المبارك في أواخر نيسان.
في المقابل، دعا رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي الحكومة اللبنانية الى "وضع الحلول العاجلة ومعالجة أوضاع الناس المعيشية والحياتية اليومية لتخطي هذه الأزمة في اسرع وقت، لأن إستمرارها له تداعيات على مجمل الوطن ومؤسساته العامة والخاصة.
غلاء اللحوم
على وقع الاقفال والافلاس، ارتفعت اصوات الناس تشكو الجوع والفقر والغلاء، يتردّد صداها في مختلف نواحي الحياة المعيشية، وقد وصلت الى اللحوم، بعد الغاز والمازوت والبنزين والمواد الاستهلاكية على مختلف انواعها، اذ ارتفع سعر الكيلو من 16 الى 20 الف ليرة، وفي بعض المحال وصل الى 22 الف وأكثر، والسبب كما يقول اللحام نصر الدين ابو ظهر، الذي يملك ملحمة وسط السوق التجاري... "ارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي".
صور الفقر
وفرض تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي في لبنان والغلاء وإرتفاع الاسعار عودة أسواق الملابس والأحذية المستعملة "البالية" إلى الازدهار بعدما كانت قد إختفت منذ سنوات من مدينة صيدا، رغم ان المحال التجارية لم تترك طريقة الا وفعلتها لجذب الزبائن دون جدوى، "تنزيلات"، "حسومات"، "حرق أسعار" و"ثورة على الغلاء" والنتيجة واحدة، ركود قاتل وشكوى من الافلاس والاقفال، وفق ما يقول أحد التجار "بات هم الناس تأمين القوت اليومي من طعام وشراب، وليس شراء الثياب والاحذية، لم نعد قادرين على الصمود امام الايجارات ورواتب الموظفين ومصيرنا يبدو قاتما".
خلاصة الازمة، التي تترجم في يوميات الناس يصح وصفها بانها باتت قائمة على "الخوف من المستقبل" وتوقع ازمات جديدة، لم تعد تقتصر على انخفاض قيمة الليرة وطابور الانتظار على ابواب المصارف، في ظل مخاوف من ارتفاع أسعار البنزين بسبب زيادة الضرائب... و"الحبل على الجرار".